تاريخ المجلة
عندما نشأت مجلة التسامُح في مطلع القرن الحادي والعشرين، وكان للأخذ بهذا المصطلح اعتباران: اعتبار الاختلاف بين المسلمين، وضرورة تجاوُز تلك الخلافات إلى رحابة الإسلام. واعتبار العلاقات الجديدة بين الإسلام والديانات الأُخرى؛ وبخاصةٍ الأديان الإبراهيمية في شتّى مذاهبها ومدارسها. وقد سلكت المجلةُ سبيل التسامُح بأمانةٍ ونزاهةٍ شديدتين, فنشرت بحوثاً ودراساتٍ لكُتاّب من شتى الاتجاهات الفكرية في ديار المسلمين وفي الخارج.
. وكان هناك تجاوُبٌ كبيرٌ، بحيث صارت المجلةُ بيئةً خصبةً للنقاش والتغيير لدى المسلمين، كما لدى المسيحيين في نظرتهم للإسلام، وتعامُلهم مع المسلمين.
وقد رأينا بعد عقدٍ من العمل والنقاش أن نتقدم خطوةً أُخرى على درب التعارُف القرآني الواسع والعميق؛ بالمصير إلى تسمية المجلة في المرحلة التطويرية الجديدة بالتفاهُم. ولا يعني ذلك أنّ الخلافات انتهت بين المذاهب الفكرية أو بين الأديان؛ لكنّ هذا التغيير يعني أنّ للحوار والنقاش هدفاً رأينا أن نهيئَ لذهنيته؛ ليكونَ واضحاً تماماً، وهو الوصول إلى التفاهُم أو اللقاء على قواسم مشتركة، نعملُ على تأكيدها وتعظيمها. فكما جاء في الآية الكريمة: {يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكرٍ وأُنثى وجعلْناكم شعوباً وقبائلَ لتَعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم} فالتقيُّ والورِعُ من المسلمين هو الذي يُغالبُ ميولَهُ ونوازعه التنافُرية من أجل الدخول في خطّ التفاهُم والتعارُف القرآني. وهذه السبيل هي سبيلُ القرآن الكريم ودعوة النبي صلواتُ الله وسلامُهُ عليه. إنّ مجلة التفاهُم إذ تتخذ هذا المفرد عنواناً لها إنما تقصدُ إلى تطوير نهجها، وإلى تحديد الغاية من وراء الحوار، كما تريد أن تسعى لتحقيق ذلك بالمزيد من الجَهد الفكري والعلمي، وتعميق النقاش، ونحن نضع نُصْبَ أعيُننا هذا الهدف القريب/البعيد: هدف التلاقي على تفاهُمٍ كبيرٍ مع أنفُسِنا ومع العالم.